مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}

صفحة 1684 - الجزء 3

  متعاطياً لفسق، فدل على أن تعاطيه ذلك، واستمراره لا يدل على أنه يبطن خلاف ما يظهر.

  وأما ما ذكره الناصر # من أنه مأخوذ من جحرة اليربوع، فنقول: مسلم أنه مأخوذ من ذلك، لكنا قد دللنا على أن أهل اللغة اشتقوه منه لما ذكرنا، ثم لو سلمنا أنه مشتق لمن أبطن خلاف ما أظهر مطلقاً، فقد بينا أن هذه الآية وغيرها من الآيات الواردة في صفة المنافقين، دالة على النقل من المعنى اللغوي إلى المعنى الشرعي الذي اخترناه.

  وأما استدلاله # بأن رسول الله ÷ عامل المنافقين معاملة المسلمين.

  فجوابه: أن ذلك فيمن لم يتبين نفاقه؛ إذ شرائع الإسلام فيما يرجع إلى أحكام الدنيا مبنية على الظاهر، ويدل عليه حديث: «نحن نحكم بالظاهر» وحديث: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله ...» الخبر.

  وأما من ظهر نفاقه وشقاقه، فلا نسلم ذلك، بل عاملهم معاملة الكفار، فقد نهي عن الصلاة عليهم، والقيام على قبورهم، وأخذ الصدقة منهم، كما في قصة ثعلبة.

  وأما الاحتجاج باستحقاقه للذم واللعن.

  فجوابه: أن اشتراكهما في ذلك لا يوجب اشتراكهما في الاسم، فإن من المعلوم أن الفاسق يشارك الكافر في ذلك الاستحقاق ولا يسمى كافراً، ثم إن استحقاق الفاسق للذم والعقاب، ليس على الحد