مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}

صفحة 1689 - الجزء 3

  في القلب، قلت للحكم: من حدثك؟ قال: حماد، فأتيت حماداً فأقر به.

  وحدثنا بشر قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا حريث، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل. فهذه الأحاديث مما احتج به الناصر # على ما ذهب إليه من تسمية أهل الكبائر منافقين، ولها شواهد من رواية أئمتنا $ وغيرهم، ولعله يأتي في أثناء الكتاب شيء منها.

  والجواب: أنه قد مر أن هذه الآيات التي نحن بصددها، وما في معناها من كتاب الله تعالى دالة على المعنى الذي حكيناه عن من تقدم⁣(⁣١) وهذه الأحاديث لا تعارض بينها وبين الآيات القرآنية؛ إذ لا تدل على أن الكبائر نفاق بحال، بل هي باعتبار الدلالة على ثلاثة أقسام:

  أحدها: ما يدل على أن بعض المعاصي علامة ودلالة على أن مرتكبها منافق، وليس فيها أن تلك المعاصي نفاق في نفسها، فإن علامة الشيء غير داخلة في حقيقته، وذلك كالأحاديث الواردة في بغض أمير المؤمنين #، والأحاديث الدالة على أن من ارتكب خصالاً كالكذب، والخيانة، ونحوهما فهو منافق، وهذه ليس فيها رائحة الدلالة على أن تلك المعاصي نفاق في نفسها، بل دلت على أن من أبغض الوصي #، واجتمعت فيه تلك الخصال فهو منافق، ومعنى ذلك أنا نستدل بها على أنه مبطن للكفر.


(١) من الأئمة وغيرهم، وهو أنه اسم لمن أبطن الكفر وأظهر الإسلام. تمت مؤلف.