مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}

صفحة 1704 - الجزء 3

  والجواب: أنا نعارضهم بالبهائم؛ لأنهم يوافقوننا في أَنَّ نفوسها ليست مجردة، فيلزمهم أن لا تكون هي هذه الأجسام وهم لا يقولون بذلك؛ ثم إنا نقول: الإنسان وإن شارك الأجسام في الجسمية فهو مخالف لها بخواصه التي لا توجد في غيره، من الشكل، والصفات، وذلك لا يقتضي كونه غير جسم.

  واعلم أن لهم شبها كثيرة، وقد أتينا بأقواها، وعرفناك بطلانها بما فيه كفاية، وبه تعرف أنهم يبنون على غير أساس، ويحذون على غير قياس؛ ولعله يأتي في أثناء الكتاب ما يقتضي ذكر سائر شبههم أو بعضها، وسنبين بطلان ما أتينا به منها في محله إن شاء الله.

  وأما الفريق الثاني فنأتي بحججهم على ترتيب أقوالهم في كتابنا هذا، فنقول: احتج الجمهور بالعقل، والسمع.

  أما العقل فمن وجوه:

  أحدها: أن الذي نعلمه بعقولنا ومن وضع اللغة أن الإنسان هو هذا الجسد الظاهر، الحى القادر، لمعان تحله، وإثبات غيره إنسانًا إثبات لما لا طريق إليه من ضرورة، ولا دلالة؛ وما لا دليل عليه وجب القطع بنفيه، كما مر في المقدمة؛ والشبه التي تمسك بها الفلاسفة قد عرفت بطلانها، وما تمسك به غيرهم فسيأتي إبطاله.

  الثاني: أنا نعلم ضرورة توجه الأمر والنهي، والمدح والذم، والمطالبة بقضاء الدين إلى هذا الشخص دون غيره، فلو لم يكن هو الإنسان لم يتوجه ذلك إليه.