مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}

صفحة 1705 - الجزء 3

  الثالث: أنه لو كان غير هذه الجملة، إما داخلاً فيها، أو خارجاً عنها لصح انفصاله عنها؛ إذ من لازم كل متغايرين صحة انفصالهما، فيكون أحدنا حياً قادراً عالماً، ولا يكون إنساناً والعكس، والمعلوم خلافه.

  الرابع: أنا نعلم من أنفسنا ضرورة كوننا مريدين، ومشتهين، وعكسهما، ونعلم ذلك من حال غيرنا أيضاً، والعلم بصفة الذات فرع على العلم بالذات، فلو كان الإنسان غير هذا الشخص لَكُنَّا لا نعلمه ضرورة⁣(⁣١)، وإذا لم نعلمه ضرورة لم يصح أن نعلم صفته ضرورة، وإلا لزم أن يكون الفرع أجلى من الأصل.

  قلت: وبهذا تعلم أنه لا يجوز القول بأن كون الإنسان غير هذا الشخص ثابت استدلالاً.

  الخامس: أنه لوكان غيره لكنا نجد مشقة في تحريك هذه الأبعاض، والأعضاء، وحملها، كما نجدها إذا غلب علينا الدم.

  السادس: أنا إذا شهدنا على أحد، فإنما نشهد على هذه الجملة، فلوكان الإنسان غيرها لكنا قد شهدنا زوراً؛ لأن الأفعال المشهود عليها من الأخذ والعطاء، والقتل والزنا لا تنسب إلا إلى الإنسان.

  السابع: أنه لو كان غيره للزم أن لا نجد كوننا عالمين من ناحية الصدر؛ لأن العالم هو الإنسان الحي، والفرض أنه غير هذه الجملة، وبطلان اللازم معلوم، فكذا الملزوم.


(١) أي لكان علمنا به غير ضروري. تمت مؤلف.