المسألة الرابعة [الرد على الكرامية لقولهم: إن الإيمان قول باللسان فقط]
المسألة الرابعة [الرد على الكرامية لقولهم: إن الإيمان قول باللسان فقط]
  في قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ٨}[البقرة] رد لمذهب الكرامية حيث قالوا: إن الإيمان قول باللسان وإن لم يعتقد بالقلب؛ لأنه تعالى نفى إيمان من اقتصر على الإقرار بلسانه. وقال أبو السعود: لاحجة فيها عليهم؛ لأنها واردة فيمن أظهر الإيمان بلسانه، واعتقاده بخلافه، وهم إنما يقولون بإيمان من نطق بلسانه مع كونه فارغ القلب عما يوافقه أوينافيه. وأجيب بأن ظاهر ما نقله العلماء عنهم قاض بأن مذهبهم أعم مما ذكره، وأنه يتناول فارغ القلب، والمعتقد لخلاف ما نطق به.
  واعلم أن ابن جرير نسب مذهب الكرامية الذي حكيناه عنهم إلى الجهمية، وهو وهم. وفي الآية رد لقول جهم: إن الإيمان باليوم الآخر ليس داخلاً في مسمى الإيمان.
  فإن قيل: المنافقون كانوا مؤمنين بالله واليوم الآخر، وإنما أنكروا نبوة محمد ÷، فكيف نفى عنهم الإيمان بالله وباليوم الآخر؟
  قيل: أما على القول بأن الآية نزلت في منافقي المشركين فالسؤال ساقط، وأما على القول بأنها نزلت في منافقي أهل الكتاب وهم اليهود، فقال الرازي: إيمانهم بالله ليس بإيمان؛ لاعتقادهم التجسيم، وقولهم: عزير ابن الله، وكذلك إيمانهم باليوم الآخر ليس بإيمان؛ لأنهم لا يؤمنون به على وجهه.