المسألة الخامسة [عدم الاغترار بالمظاهر]
  برواية عدلين عنه لا يقبل عند الجماهير، وقيل: يقبل مطلقاً، وقيل: إن كان من روى عنه من لا يروي عن غير عدل قبل، وإلا فلا.
  قلت: والمراد بالمجهول باطناً من لا يعرف إيمانه، وصحة اعتقاده، وبالمجهول ظاهراً من انتفت مخالطته، كذا قيل. والله أعلم.
  القسم الثاني: أن يكون مجهول العين؛ كأن يقال فيه عن رجل، فهذا مردود، قيل: إجماعاً؛ لانضمام جهالة العين إلى جهالة الحال، ما لم يصفه بالثقة أحد أئمة الحديث المعتبرين، كالشافعي وأضرابه، وهذا اختيار ابن السبكي، وعليه إمام الحرمين، وهو ظاهر كلام القاسم، والهادي؛ لأن القاسم # قد يروي عن الموصوف بذلك، أو بنفي التهمة(١) ويحتج به، وربما كان هو الواصف، ويرويه عنه الهادي، ويحتج به كذلك، وهذا هو الظاهر من كلام السيد صلاح بن أحمد المؤيدي في شرحه على الفصول؛ إلا أن الظاهر من واصفه أنه لا يصفه بالثقة إلا بعد البحث التام، والخبرة التامة، وخالف في ذلك الصيرفي، والخطيب البغدادي؛ لجواز أن يكون فيه جارح لم يطلع عليه الواصف، وأجيب ببعد ذلك من أحد الأئمة المشهورين المحتجين به على حكم في دين الله تعالى. وكذلك إن قال أحد الأئمة: أخبرني من لا أتهمه، فإنه يقبل، ويكون توثيقاً لما مر، وخالف الصيرفي وغيره لما مرَّ؟
  وقال الذهبي(٢): ليس توثيقاً وإنما هو نفي للاتهام.
(١) كأن يقول: أخبرني من لا أتهمه، أو نحو هذه العبارة. تمت مؤلف.
(٢) قول الذهبي مقابل للقولين الذين قبله، لأن الصيرفي يوافق في أن نفي التهمة توثيق إلا أنه غير معمول به؛ لما فيه من التجويز، ووجه كون نفي التهمة ليس إلا. رفعاً للاتهام أن المراد من هذه العبارة أنه لا يظن به جارحا، وذلك لا يستلزم توثيقه؛ إذ لا يلزم من نفي ظن الجرح التعديل. تمت مؤلف.