مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [عدم الاغترار بالمظاهر]

صفحة 1733 - الجزء 3

  وإن لم يكن قد تقدم منهما غيره، وهو كاف في ثبوت عدالتهما؛ لأن الإسلام يجب ما قبله، وقد اكتفى به النبي ÷ الله فيما رواه ابن عباس أن أعرابياً جاء إلى النبي ÷ فقال: إني رأيت الهلال، يعني رمضان، فقال: «أتشهد أن لا إله إلا الله؟» قال: نعم، قال: «أتشهد أن محمداً رسول الله؟» قال: نعم، قال: «يا بلال أذن في الناس فليصوموا غداً» ويجوز أنه قبل خبرهما في إسلامهما لقرائن دلت على ذلك من هيئة وأخلاق مخالفة لهيئات الكفار وأخلاقهم، وقد ذكر أبو الحسين في المعتمد أن العدالة إذا كان لها ظاهر وجب الاعتماد عليه، وإلا لزم اختبارها.

  قال: ولا شبهة أن في بعض الأزمان كزمن النبي ÷ قد كانت العدالة منوطة بالإسلام، فكان الظاهر من المسلم كونه عدلاً، ولهذا اقتصر النبي ÷ في قبول خبر الأعرابي عن رؤيته الهلال على ظاهر إسلامه، واقتصرت الصحابة على إسلام من كان يروي الأخبار من الأعراب، فأما الأزمان التي كثرت فيها الخيانات ممن يعتقد الإسلام، فليس الظاهر من الإسلام كونه عدلاً، فلا بد من اختباره. قال: وقد ذكر الفقهاء هذا التفصيل.

  الوجه السادس: أن الأمة أجمعت على قبول رواية المجهول، وبيان ذلك أن البخاري ومسلم قد رويا عن المجهولين، كما صرح بذلك الذهبي، وغيره، والأئمة مطبقة على قبول روايتهما.

  والجواب: أنا لا نسلم أن في رجالهما مجاهيل، ولعل المدعي لذلك متحامل عليهما، ولم يؤد النظر حقه، سلمنا فقد علم من حالهما أنهما