مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون 9}

صفحة 1758 - الجزء 3

  في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام» ثم ساق الحديث في الخوارج، وكذلك روي جواز الكذب في الحرب وهو نوع من الخداع، فعن جابر أن رسول الله ÷ قال: «من لكعب ابن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله» قال محمد بن مسلمة: أتحب أن أقتله يا رسول الله؟ قال: «نعم» قال: فأذن لي فأقول⁣(⁣١)، قال: «قد فعلت» قال: فأتاه فقال: إن هذا - يعني النبي ÷ - قد عنانا وساءلنا الصدقة، قال: وأيضاً والله فإنا قد اتبعناه فنكره أن ندعه حتى ننظر إلى ما يصير أمره، قال: فلم يزل يكلمه حتى استمكن منه فقتله. رواه الشيخان.

  وعن أم كلثوم بنت عقبة قالت: لم أسمع النبي ÷ يرخص في شيء من الكذب مما تقول الناس إلا في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها. رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود.

  قيل: قد اختلف العلماء في معنى تلك الأحاديث على قولين:

  أحدهما: أنها مخصصة للأدلة السابقة، وقالوا: إن الكذب المذموم فيما فيه مضرة، وهذا قول طائفة. وقال النووي: الظاهر إباحة الكذب في هذه الأمور الثلاثة، لكن التعريض أولى. وقال ابن العربي: الكذب في الحرب من المستثنى الجائز بالنص؛ رفقاً بالمسلمين لحاجتهم إليه. وقال النووي: اتفقوا على جواز خداع


(١) في بهجة المحافل (أن أقول شيئاً قال قل) صفحة ٢١٤ الجزء الأول. الطبعة الصادرة عام ١٤١٧ هـ / ١٩٩٦ م.