مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في الدليل على تحريم الحيل]

صفحة 1761 - الجزء 3

المسألة الرابعة [في الدليل على تحريم الحيل]

  قيل: في هذه الآية وما في معناها من ذم الخداع وقبحه دليل على تحريم الحيل التي يتوصل بها إلى تحليل ما حرم الله؛ لأن حقيقة الخداع منطبقة على تلك الحيل، فإن فيها مخادعة، ومراوغة بإظهار إرادة أمر جائز ليتوصل به إلى أمر باطن محرم، وفي (القاموس): الخداع: المنع والحيلة. وفي تجويز الحيل التي يتوصل بها إلى تحليل المحرم خلاف، ففي كلام بعضهم ما يدل على منعها على الإطلاق، منهم الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم # فإنه قال: إن الحيل والذرائع لا يحل الدخول فيها، ويجب النكير على فاعلها، والتأديب لكاتبها وشاهدها، وسواء كانت لمن يحرم عليه شيء ليحل كالتحيل للهاشمي في أكل الزكاة، أولمن يجب عليه شيء ليسقط كالمالك يخرج بعض المال لئلا تجب عليه الزكاة، ونسب القول بتحريم الحيل في الربا وغيره ابن حجر الهيثمي في كتاب الزواجر إلى مالك، وأحمد، واختاره ابن القيم، وفي كلام بعضهم ما يدل على جوازها في الربا وغيره، وعزاه في الزواجر إلى الشافعي، وأبي حنيفة.

  قلت: ولا ينبغي إطلاق الجواز، فإن من الحيل مالا يجوز الدخول فيه بالإجماع، وفي أعلام الموقعين ما معناه: إن الذين ذكروا الحيل لا يقولون بأنها جائزة كلها، وإنما يقولون: إن هذا الأمر حيلة في كذا، وقد يكون ذلك الأمر محرماً كمن يفتي المرأة إذا أرادت فسخ النكاح أن ترتد ثم تسلم، وتارة تكون الحيلة مكروهة، وتارة جائزة.