مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون 10}

صفحة 1802 - الجزء 3

  الوجه الثالث: أن المراد بالزيادة الطبع على قلوبهم، ومعناه خذلانهم بمنع زيادة اللطف.

  الرابع: أنه محمول على فتور النية في المحاربة؛ لأن قلوبهم كانت قوية على ذلك، ثم فترت نياتهم، وانكسرت شوكتهم، فأخذوا بالنفاق بسبب ذلك {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}⁣[البقرة: ١٠] أي فتوراً وانكساراً حين قذف الله في قلوبهم الرعب، وشاهدوا شوكة المسلمين؛ والعرب قد تعبر عن الفتور بالمرض، يقال: جارية مريضة الطرف أي بطرفها فتور، ويكون من الإسناد إلى السبب؛ لأن العزم على ترك المحاربة فعلهم، إلا أنه لما كان فعل الله سبباً فيه نسب إليه.

  الوجه الخامس: أن يراد بالمرض حقيقته وهو الألم؛ لأن الحاسد والمنافق إذا دام به ذلك فربما صار سبباً لتغير مزاج القلب وتألمه، ورجح هذا الرازي للحمل على الحقيقة، وقال أبو حيان: الحمل على المجاز أولى؛ لأن قلوبهم لو كان فيها مرض لكانت أجسامهم مريضة بمرضها، أو كان الحمام عاجلهم.

  قال بعض المفسرين: يشهد لهذا الحديث النبوي، والقانون الطبي، أما الحديث: فقوله ÷: «إن في جسد ابن آدم لمضغة إذا صلحت صلح الجسد جميعه، وإذا فسدت فسد الجسد جميعه، ألا وهي القلب» وأما القانون الطبي: فإن الحكماء وصفوا القلب على ما اقتضاه علم الترشيح، ثم قالوا: إذا حصلت فيه مادة غليظة فإن تمكنت منه ومن غلافه أو من أحدهما فلا يبقى مع ذلك حياة،