المسألة الثالثة [الرد على النسفي في انتقادهم للمعتزلة حول اللطف]
  قال #: وقد تكلف بعض المتأخرين في الجواب عنه؛ بأنه لا مانع من أن يكون في معلوم الله أنه لولا العصيان المتقدم من هذا المخذول لكان يلتطف بهذا الفعل الذي سلبه، فلما عصى تولد من معصيته عدم لطفية ما كان لطفاً له لو لم يعص، فكان ترك فعله وسلبه إياه بسبب معصيته بعد ذلك عقوبة عليها.
  قال #: وفيه تعسف كما ترى، فإن العقوبة إنزال الضرر بالعاصي على جهة الاستخفاف(١) لأجل معصيته، وليس الضرر الذي يناله بسبب فعل المعصية - لا جزاءً عليه - يُعد عقوبة؛ كما لو قتل من لا يستحق القتل فوقع السلاح الذي قتله به في شيء من جسده، أو ناله تعب بسبب القتل، فإن ذلك لا يعد عقوبة؛ وإنما يتصور ما يذكرونه على القول بعدم وجوب اللطف، وأن الله سبحانه يسلبه إياه مع تأثيره لو فعله بمن يعصيه عقوبة له، ومكافأة على معصيته.
  قال #: وليكن هذا على بال منك فإنه كثيراً ما يرد في كلام العدلية القائلين بوجوب اللطف، وهو غير مستقيم على قواعدهم. والله سبحانه أعلم.
فائدة أخرى
  الطغيان: مجاوزة الحد في كل أمر، والمراد إفراطهم في العتو، وغلوهم في الكفر. والعمه في البصيرة كالعمى في البصر، وهو التحير والتردد، بحيث لا يدري أين يتوجه. وقيل: هو كالعمى إلا أن العمى أعم منه؛
(١) أي الاستخفاف بالعاصي. تمت مؤلف.