المسألة الثانية [الدليل على جواز بيع المعاطاة]
  الضلالة على الهدى؛ ويجري في الاستبدال ما قاله الأولون من أنهم استبدلوا بإيمانهم الظاهرِ النفاقَ، واستبدلوا بالفطرة الدينية ... إلى آخر ما مر.
  قلت: وعلى أي القولين فالآية تدل على أنهم كانوا قادرين على الإيمان والكفر جميعاً، وإلا لما صح منهم الاستبدال، بأن يفعلوا هذا بدل ذلك، ولأن الآية ذم لهم وتوبيخ، ولا يذم إلا الفاعل المختار.
المسألة الثانية [الدليل على جواز بيع المعاطاة]
  قيل في الآية دليل على جواز بيع المعاطاة وانعقاده؛ لأنهم لم يتلفظوا بلفظ الشراء، ولكن تركوا الهدى بالضلالة عن اختيارهم، وسمي ذلك شراءً، فصار دليلاً على أن من أخذ شيئاً من غيره وترك عليه عوضه برضاه، فقد اشتراه، وإن لم يحصل منهما لفظ من الألفاظ التي اعتبرها الفقهاء؛ وفي المسألة خلاف، فقالت الهادوية، والشافعية: المعاطاة في غير المحقر لا توجب الملك.
  قال في البحر: وهي المعاوضة لا بإيجاب وقبول؛ والوجه في ذلك أنها ليست بيعاً؛ لعدم اللفظين. ثم اختلفوا، فالهدوية قالوا: يكون في يد المشتري إباحة، وهو وجه للشافعية، ووجه آخر أنه كالمقبوض بعقد فاسد، فيجب رده وبدله إن تلف، ولكل منهما الفسخ.
  وقال المؤيد بالله، والمنصور بالله، والوالد علي بن يحيى العجري، والحنفية، ومالك: بل ينعقد بها البيع، وتوجب الملك، والمسألة مبنية