مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1862 - الجزء 3

  الاستفهام قلنا: أزيد عندك؟ أعمرو عندك؟ أبكر عندك؟ حتى نأتي على جميع العقلاء، وهذا كاف في الوضع. والخروج عن عهده الوجوب.

  قيل: هذا يكشف عن جهل قائله، فإنا لم نوجب وضع اللفظ إلا لما في ذكر الأعداد من التطويل. مع كثرة الخبر والاستخبار ونحوهما كما مر، ولا يعدل عاقل إلى الأشق مع إمكان الأسهل. لغير فائدة؛ مع أنه قد يتعذر التعداد عند كثرة المعدودات؛ ألا ترى أنه لو أراد أحد أمر غيره بإكرام العلماء فإنه يتعذر عليه تعدادهم؛ لكثرتهم، ولخفاء بعضهم عليه، فإذا عدل إلى اللفظ العام تم مراده، وكمل مقصوده.

  فإن قيل: الحاجة إن أوجبت وضع اللفظ لما عقلوه من العموم، فهي توجب عليهم أن يضعوا لفظاً لا يلتبس الحال فيه، هل هو للعموم، أو الخصوص، أو للمشترك بينهما.

  قيل: قد فعلوا، فإن المتبادر من ألفاظ العموم الشمول، والتبادر دليل الحقيقة.

  فإن قيل: الاشتراك بين الكل والبعض معنى عقلوه، كمن يريد أن يشكك على غيره، ولم يضعوا له لفظاً.

  قيل: بل وضعوا له. قولهم: جاءني إما كل الناس أو بعضهم. ومما ذكرنا يثبت أن الحاجة توجب وضع اللفظ العام. والحمد لله.