تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  والمعلوم ضرورة أنا نعلم أن في اللغة لفظاً موضوعاً لعدد ما، وأمر ما، ونهي ما، ثم إنا لا نسلم حسن التأكيد مع الاحتمال؛ لأنه كالعموم في الاحتمال، فلا معنى له والحال هذه.
  الوجه الخامس: قالوا: لو كان للعموم لما جاز أن يوجد ولا يكون عاماً، كما أن الدليل لا يجوز أن يوجد ولا يكون دليلاً، والمعلوم أن الصيغة قد توجد ولا تكون عامة.
  والجواب: أنا لا نمنع استعماله في غير العموم مجازاً لقرينة، كما في الأمر والنهي، ولا يلزم منه ما ذكرتم، إلا إذا كنتم ممن ينفي المجاز، فللكلام عليكم موضع آخر.
  احتج القائلون بالخصوص بوجهين:
  أحدهما: أن الخصوص متيقن، والعموم مشكوك فيه؛ لجواز أن تكون للخصوص، والحمل على المتيقن أولى.
  والجواب: أن ذلك إثبات للغة بالترجيح، وهي لا تثبت إلا بالنقل، سلمنا، فالعموم أحوط؛ لدخول الخصوص فيه بخلاف العكس.
  الثاني: أنها لو كانت للعموم كان الاستثناء مناقضاً؛ لأن العموم يقتضي شمول المستثنى، والاستثناء يقتضي إخراجه، فيكون داخلاً تحت الخطاب، خارجاً عنه، وهذه مناقضة ظاهرة.
  والجواب: أنه معارض بالأعداد، فإنه لا يجوز الاستثناء منها، ولا يخرجها ذلك عن كونها موضوعة لذلك العدد، ولا يكون