مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1871 - الجزء 3

  الاستثناء منها مناقضاً؛ على أن اللفظ لا يجب أن يتناول الشيء إلا مع القصد، وإنما الوضع يفيد صلاحيته للتناول؛ فإذا لم يحصل القصد. بل أراد البعض واستثناه لم يجب أن يتناول إلا ما قصده، فلا يؤدي إلى تناقض.

  احتج القائلون بالوقف بأنه لا دليل على وضع صيغة للعموم، ولا للخصوص؛ لأن الطريق إليه إما الضرورة، أو المشافهة، أو التواتر ... إلى آخر ما مر.

  والجواب: أن الدليل قد وجد على ما ادعيناه من وضع صيغة العموم، وهو ما تقدم. قالوا: هو دليل محتمل. قلنا: لا نسلم.

  احتج القائلون بالعموم في الأمر والنهي فقط بوجهين:

  أحدهما: أنه لو لم تكن الصيغة فيهما للعموم لم يكن التكليف عاماً، والإجماع منعقد على عمومه، ولا تكليف بغير الأمر والنهي.

  والجواب: أن التعميم قد ثبت في غيرهما بما ذكرنا، وقولهم: لا تكليف بغير الأمر والنهي، ممنوع؛ فإنا مكلفون باعتقاد معاني الأخبار وما دلت عليه.

  الوجه الثاني: ذكره القرشي، وهو أن الغرض بالوعيد التخويف الذي يكفي فيه الظن، بخلاف الأمر والنهي فإنه تكليف لا بد فيه من إزاحة العلة.

  قلت: وظاهر هذا أن هؤلاء لا ينفون العموم إلا عن الوعيد، ولعلهم يقولون بالوقف في سائر الأخبار.