المسألة الثالثة [في جواز التخصيص بالعقل]
  والجواب: أن التخويف لا يحصل إلا مع الحمل على العموم؛ لأن الألفاظ إن أفادت السامع العموم بوضعها وجب حملها عليه كالأمر.
  قال القرشي: وهو المطلوب؛ لأن الغرض بالخبر الإفادة، فلا بد أن يقصد المتكلم باللفظ ما وضع له، أو تدل قرينة على مقصوده. وإن لم تفد العموم فلا يجوز حملها عليه، فلا يحصل التخويف.
المسألة الثالثة [في جواز التخصيص بالعقل]
  دلت الآية الكريمة على جواز التخصيص بالعقل؛ لأن عموم قوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢٨٤}[البقرة] متناول لذات الباري تعالى لأنه شيء، مع أن ذاته جل وعلا ليست من جملة المقدورات. والتخصيص بالعقل هو الذي ذهب إليه الجمهور، والخلاف في ذلك منسوب إلى شذوذ من الناس كما في شرح الجمع، وبينهم في شرح الغاية فقال: وخالف فيه شذوذ من المتكلمين.
  واعلم أن التخصيص بالعقل على ضربين:
  أحدهما: بضرورته.
  والثاني: بدلالته. فأما التخصيص بضرورته فكما في الآية وكقوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الأنعام: ١٠٢] وقوله: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}[الأحقاف: ٢٥] فإنا نعلم ضرورة أن ذات الباري تعالى غير مقدورة ولا مخلوقة، وأن الريح لم تدمر كل شيء، ومن علم ذلك لم يمكنه اعتقاد ما تناوله الظاهر، ولا تجويزه أصلاً.