تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  الوجه الثالث: أن التخصيص هنا لا يتصور، لأن ما نفى العقل حكم العموم عنه لم يتناوله العام؛ لأنه لا تصح إرادته؛ وأيضاً التخصيص إنما يكون حيث يجوز تناول العموم لما خرج بالتخصيص(١).
  والجواب: أنه إن أريد عدم تناول اللفظ له فغير مسلم، وإن أريد معناه من حيث الحكم، فلا يضر؛ إذ كل ما أخرجه التخصيص كذلك(٢). أما قولهم: لا تصح إرادته، فيقال: كل خارج بالتخصيص غير مراد. وقولهم: إن التخصيص لا يكون إلا مع جواز التناول، غير مسلم، بل هو إخراج بعض ما تناوله اللفظ، سواء تصور كونه مراداً بالعموم، أم لا.
  واعلم أن ابن السبكي حكى عن الشافعي منع تسمية ما أخرجه العقل تخصيصاً؛ نظراً إلى أن ما يخصص بالعقل لا يصح إرادته بالحكم، وفيه ما قد عرفت؛ والفرق بين قوله. وقول الشذوذ أنه يمنع التسمية مع قوله: بأن اللفظ شامل لما نفاه العقل، وهم يمنعون التناول، ويلزم منه منع التسمية.
  قيل: والخلاف لفظي(٣) للاتفاق على الرجوع إلى العقل فيما نفي عنه حكم العام، إلا أن الجمهور يسمون ذلك النفي تخصيصاً، والشذوذ والشافعي لا يسمونه تخصيصاً، وقيل: هو لفظي بالنسبة إلى الشافعي، وأما بالنسبة إلى الشذوذ فمعنوي؛ لأنهم ينفون التناول لفظا وحكماً.
(١) يعني وهنا قد حصل القطع بعدم التناول فضلاً عن أن نجوزه. تمت مؤلف.
(٢) يعني أن التناول الحكمي عنه منفي. تمت مؤلف.
(٣) أي عائد إلى اللفظ والتسمية. تمت مؤلف.