تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  وبه يصح جوابنا، وقولنا: إن التمييز راجع إلى تصور الحقائق، ويبطل اعتراضهم؛ وما أحسن ما قاله بعض أهل التحقيق حيث قال: إن الذي لا وجود له في الخارج وأنت قصدت الحكم عليه بنفي الوجود مثلا لا يحتاج إلى تصور مورد النفي على وجه يجوز ثبوته في الخارج، بل يكفيك تصوره على وجه الفرض، فإذا قصدت أن تحكم على الضدين بنفي الاجتماع تتصور لهما اجتماعاً كاجتماع المختلفات الغير المتضادة، ثم تنفيه.
  الوجه الثالث: أن القادر يقصد إلى الجوهر دون السواد مثلاً، فلو لم يكونا ذاتين لم يصح القصد إلى أحدهما دون الآخر.
  والجواب: أن القصد إليهما لا يترتب على كونهما ذاتين، وإنما يترتب على العلم بهما، والعلم عندنا يتعلق بالنفي المحض.
  الرابع: أن إعدام المكلفين صحيح، وإعادتهم للجزاء صحيحة، ولا يجوز أن يكون المعاد غير الأجزاء الفاعلة للطاعة والمعصية، وإذا كانت هي المعادة فنقول: هل هي متعينة في حالة العدم ليصح القصد إلى إيجادها بعينها؟ فهو الذي نقول، أو ليست بمتعينة، فيما ذا نعلم أنها هي بعينها؟ وكيف يصح القصد إليها؟
  والجواب: أن في كيفية الإعادة خلاف ليس هذا موضع ذكره، إلا أنا نقول: إن أردتم بتعينها كونها معلومة لله تعالى. فهو قولنا، ولسنا ننفي علمه تعالى بما سيوجد، وإن أردتم به(١) ثبوت أعيانها.
(١) أي بتعينها، تمت مؤلف.