تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  فهو باطل، ولا نسلم أن العلم بتلك الأعيان متوقف على الثبوت والتعيين.
  احتج الآخرون بوجوه:
  أحدها: ما مر قريباً من تعلق العلم بالمستحيل، مع أنه ليس بشيء ولا ذات.
  الثاني: أن الذوات المعدومة لا يجوز أن تكون متناهية، وإلا لزم أن تكون مقدورات الباري تعالى متناهية، ولا يصح(١) منكم القول بأنها غير متناهية؛ لأنه لا بد عند خلق العالم(٢) أن تكون الجواهر المعدومة أقل مما كانت لما ينضم إليها من الزيادة عند الخلق، وكلما دخلته الزيادة والنقصان فهو متناه، فيلزم منه تناهي مقدورات الباري تعالى، وهو باطل، فما أدى(٣) إليه يجب أن يكون باطلاً، وهذه حجة قوية لا يمكن دفعها(٤).
  الثالث: أن السواد إذا طرأ على البياض، فإما أن يبطل ذاته، أو يبطل وجوده، إن قلتم بالأول فهو قولنا؛ لأنه إذا أبطل الذات فلا ثبوت لها أصلاً، لا في الوجود، ولا في العدم، وإن قلتم بالثاني، فإما أن يبطله بوجوده وهو محال؛ لأن الوجود لا يضاد الوجود،
(١) أي لا يتأتى على أصلكم. تمت مؤلف.
(٢) لأنه بالاتفاق لا يكون الإيجاب لمجرد تلك الذات المعدومة بل ينضم إليها جواهر وأعراض كثيرة فإن الذات الإنسانية مثلاً لم تكن في العدم لحماً وعظماً وغير ذلك. تمت مؤلف.
(٣) وهو القول بثبوت ذوات العالم في الأزل. تمت مؤلف.
(٤) إذ لا يمكنهم دفع الزيادة على الذوات المعدومة عند الخلق. تمت مؤلف.