مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1888 - الجزء 3

  قبل أن يوجد آدم # بأنه يوجده؛ لأنه أخبر عما سيكون ولم يخبر عن الذات الثابتة فيما لم يزل، وكل قول يؤدي إلى تكذيب الباري فهو باطل. ويدل عليه أن قولهم بأن الذوات المعدومة الثابتة بزعمهم فيما لم يزل تخرج إذا وجدت من حالة العدم إلى حالة الوجود، يوجب كون العدم صفة كالوجود، وذلك باطل بإجماعهم. ويدل عليه إجماعهم مع العترة على إنكار قول من زعم أن أعيان العالم قديمة، ولا فرق بين ذلك وبين قولهم: إن ذوات العالم ثابتة في الأزل؛ بدليل أنه ما من دليل يصح أن يستدل به على أن أعيان العالم قديمة إلا ويصح أن يستدل به على أن ذوات العالم ثابتة فيما لم يزل، وأنه ما من دليل يصح أن يستدل به على بطلان قدم أعيان العالم إلا ويصح أن يستدل به على بطلان ثبوت ذوات العالم فيما لم يزل.

  قلت: وقد استوفينا هذا البحث من كلام السيد حميدان |؛ لما اشتمل عليه من الفوائد والأدلة، والإلزامات، وتحقيق مذهب الخصوم، ولم نتصرف فيه إلا تصرفاً يسيراً جداً، وهو كلام قوي واضح؛ إلا أني لم أقف في كلام الخصوم على ما حكي عنهم هنا من أن الباري تعالى لا يعلم الوجود؛ بل ظاهر كلامهم أنهم إنما أوجبوا ثبوت الذوات في العدم ليصح تعلق العلم والقدرة بها، ولعله # ألزمهم ذلك؛ لأن الوجود ليس بذات، فلا يتعلق به العلم. والله أعلم.