تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  بخلاف ما إذا كان سمعياً. وإذ قد أتينا على ما يتعلق بالمسألة من الخلاف فلنأخذ في الاحتجاج. على ترتيب ذكر الخلاف، فنقول: احتج جهم ومن وافقه بالعقل والسمع، أما العقل فلأن لفظ شيء لا يفيد المدح، وقد مر أنه لا يجري عليه تعالى من الأسماء إلا ما تضمن مدحاً؛ وإنما لم يفد هذا اللفظ مدحاً، لأنه لفظ مشترك بين الشيء الحقير كالذرة، وبين أعظم الأشياء، وإذا كان كذلك كان مفهومه حاصل في أحسن الأشياء وأحقرها؛ ألا ترى أنه يقال: الكلب شيء، والحمار شيء، والإنسان شيء، فأين فائدة المدح والحال هذه.
  وجه آخر: وهو أنه قد ثبت إطلاقه على المحدثات، وإذا كان كذلك لزم من إطلاقها على الباري تعالى التشبيه، وأما السمع فآيات، منها صولا هذه الآية التي نحن بصددها، وقد مر وجه الاحتجاج بها.
  والجواب: أنه قد ثبت أن كل اسم يفيد معنى على الحقيقة. وحصل ذلك المعنى في حق الله فإنه يجوز إجراؤه عليه تعالى، وهذا الاسم قد دل على معنى، وهو ما يصح العلم به والإخبار عنه، وهذا المعنى حاصل في حق الله تعالى، ولا مانع منه، فوجب أن يصح إجراؤه عليه. وأما تعليلهم لمنعه بعدم إفادة المدح. فنقول: الدليل العقلي لم يشترط في صحة الإطلاق فيما حصل فيه المعنى إلا عدم المانع؛ على أنا لا نسلم خلوه من المدح والحال هذه، سيما على القول بأنه لا يطلق على المعدوم.