تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  ألا ترى أنه إذا أريد المبالغة في تحقير شخص أو نحوه أو الاستهانة به. قيل: هو لا شيء، أو هو سواء والعدم، وهذا يدل على أن وصف الشيء بما يدل على كونه موجوداً معلوماً، وكونه مما يصح الإخبار عنه يفيد مدحاً ما؛ سلمنا، فلا نسلم أن عدم إفادته المدح يمنعه مطلقاً، بل إذا لم يقيد بما يفيد المدح، وقد عرفت أن وجوب تقييده بذلك مذهب بعض الأئمة، على أن لقائل أن يقول: إن جميع أسماء الله وصفاته مقيدة في المعنى، فإن وصفه بقادر وعالم مقيد في المعنى بأنه قادر لا كالقادرين، وعالم لا كالعالمين؛ فكذلك هذا، نقول: هو مقيد في المعنى بما يفيد المدح، وعنده يرتفع الإشكال. وأما قولهم: إنه يلزم التشبيه فباطل؛ لأن التشبيه لا يحصل بمجرد التسمية، فإنا لو سمينا شخصاً ناراً لم يوهم أنه مثل النار؛ وقد أطال القاسم بن إبراهيم # الاحتجاج على أن إطلاق هذا الاسم على الباري تعالى لا يلزم منه تشبيه، وحاصل كلامه # أنه إنما قيل: هذا شيء، وهذا شيء لإثبات الأشياء بأنها موجودة، وليست بمعدومة، والاشتراك في صفة الوجود لا يستلزم التشبيه، ولا المماثلة، فكذلك ما هو في معناها؛ لأنه يقال: للذرة شيء، وللفيل شيء ولا يلزم من إطلاقه عليهما المشابهة بينهما، فكذلك إذا أطلقناه على الباري تعالى لا يلزم منه تشبيه؛ إذ المراد منه إثباته موجوداً جل وعلا، وليس التماثل إلا في اللفظ، لا في المسميات.
  قال الإمام المهدي: على أنه لا خلل في التشبيه إلا حيث يوجب