تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  التماثل الذاتي، لا العرضي، فإنما الممنوع تشبيه ذاته بذوات المحدثات في الماهية، لا في العوارض التي ليست لازمة للذات، فإن المعلوم أنا قد شاركناه في كوننا أحياء، قادرين موجودين، لا تردد في ذلك، وإذا صحت الشركة المعنوية فاللفظية فرع عليها، فلا حرج في ذلك.
  قلت: كلامه # يوهم أن قادرية الباري تعالى ونحوها ليست لازمة للذات، ويوهم أن صفاته تعالى الذاتية كالقادرية والعالمية معنوية، وأنا نشاركه في ذلك؛ وكل ذلك غير صحيح، فإنه تعالى لا مشاركة بينه وبين خلقه، لا في الذات، ولا في الصفات، وليست صفاته تعالى معنوية، بل هي إما نفس الذات، أو استحقها للذات، وقد نص الإمام # على هذا الأخير، والحاصل أنه لا شركة بيننا وبينه إلا في اللفظ، فإنه يطلق عليه وعلينا لفظ قادر ونحوه، لكنه في حقه تعالى مقيد كما مر(١).
  هذا، وأما احتجاجهم بالآية فجوابه:
  أنها مخصوصة بضرورة العقل كما مر، وبالمخصص اللفظي، وهو قوله: قدير على رأي.
  قالوا: التخصيص خلاف الأصل.
  قلنا: يجوز العدول عن الأصل لدليل، وقد قام الدليل على جواز التخصيص.
  قالوا: الأصل في التخصيص أن أهل العرف يقيمون الأكثر مقام
(١) أي في المعنى بما يفيد المدح ويدفع الوهم. تمت مؤلف.