تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  الكل، وذلك إنما يجوز في الصورة التي يكون الخارج حقيراً قليلاً، بحيث يجعل وجوده كعدمه، ويحكم على الباقي بحكم الكل، ولا شك أن أعظم الأشياء قدراً هو الله تعالى، فلا يجوز أن يقال: إنه تعالى مخصص من هذه الآية، وإذا ثبت أنه غير مخصص منها وجب أنه لا يطلق عليه لفظ شيء.
  قلنا: لا نسلم أن إقامة الأكثر مقام الكل لا يكون إلا فيما إذا كان الخارج حقيراً، بل هو فيما كان الباقي من أفراد العموم أكثر من الخارج، من غير نظر إلى عظمة الخارج، ولا إلى حقارته؛ لأن اللفظ بالنسبة إلى العظيم والحقير على سواء؛ على أنا لا نسلم أن الأصل في التخصيص ما ذكرتم من إقامة الأكثر مقام الكل. كما هو مقرر في موضعه، ولهذا أجاز بعضهم التخصيص إلى أن لا يبقى إلا واحد.
  احتج الأكثر على جواز إطلاقه على الباري تعالى من جهة العقل بما مر من أنه اسم يفيد معنى على الحقيقة، ولا مانع منه، فيجب أن يجوز إجراءه عليه تعالى، واستدلوا من السمع بآيات، منها: قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص: ٨٨]، والمراد بوجهه ذاته، فلو لم يكن شيئاً لم يصح الاستثناء، ومن السنة: ما رواه الرازي، عن عمران بن الحصين، عن النبي ÷: «كان الله ولم يكن شيء غيره» وروى الرازي أيضاً عن عائشة أنها سمعت رسول الله ÷ يقول: «ما من شيء أغير من الله ø»