مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1902 - الجزء 3

  احتج الناشي⁣(⁣١) بأن الشيء إنما وضع لما لم يؤثر فيه غيره، وليس كذلك إلا الباري تعالى.

  والجواب: أنه واهم في ذلك، بل الشيء هو ما ذكرناه عن أهل اللغة، ولنا على إبطال قوله من الأدلة السمعية هذه الآية، وغيرها مما لا يحصى كثرة، بل إطلاقه على غير الباري تعالى في حكم المعلوم ضرورة من أهل اللغة.

  واعلم أن الناشي قد جعل الموجود والقادر ونحوهما في حكم الشيء، في أنها لا تطلق إلا على الباري؛ للعلة المذكورة.

  والجواب فاصح. احتج القاسم والهادي بأنه قد ثبت بالإجماع أنه لا يطلق على الباري تعالى إلا ما أفاد المدح، وهذا الاسم إن لم يقيد بما ذكر لم يفد مدحاً، فلا يجوز إطلاقه. وأجيب بأنا لا نسلم أنه لا يطلق عليه إلا ما أفاد مدحاً، بل المعتبر في الحقيقي صحة المعنى وعدم المانع، سواء أفاد مدحاً أم لا، وكيف يصح الإجماع مع خلاف الموفق بالله، والإمام المهدي، وغيرهما؟ فإن ظاهر كلامهما عدم اشتراطه، فلو كان ثمة إجماع لما خالفوه؛ سلمنا، فهو مقيد في المعنى كما مر.

  احتج من لا يشترط التقييد بأنه يفيد معنى، وهو كونه تعالى معلوماً، فوجب تسميته بذلك من غير قيد؛ لما مر من أن الاسم إذا كان حقيقة في معنى، وذلك المعنى يصح على الله تعالى فإنه يجوز إطلاقه من غير


(١) الشيخ أبو محمد الناشي. والله أعلم.