المسألة الخامسة [في تسمية الباري تعالى شيئا]
  والظاهر أن المراد بالقبيل الذات، أي ما يميز ذاتاً عن ذات من حيث الوضع، كقولنا: جوهر لما يشغل الحيز، وعرض لما لا يشغله؛ ولما كان لفظ شيء لا يميز به شيء مما ذكرنا لم يجعلوه مفيداً، وإنما جعلوه جارياً مجرى المفيد من حيث أنه يدل على كون المسمى به معلوماً من حيث الوضع؛ وهذا بخلاف اللقب، فإنه وإن كان المسمى به معلوماً فليس من حيث الوضع، ولذا يجوز تغييره وتسميته بغيره، ولا يمكن في لفظ شيء التغيير، بحيث يكون زيدٌ معلوماً لا يصح أن يطلق عليه هذا اللفظ، فتنبه لهذا الفرق، وبه تعلم أن إطلاق القول بأنه مفيد لمعنى ليس إلا تجوزاً، وإنما هو جار مجرى المفيد.
  واعلم أنا قد أشرنا إلى تقسيم الأسماء في مباحث البسملة، وجعلناها تسعة أقسام من حيث هي، ووعدنا بالتنبيه على ما يجوز إجراؤه على الله منها عند عروض ما يطلق عليه تعالى من الأسماء، وهذا الاسم - أعني لفظ شيء - هو من القسم الرابع.
فائدة
  قد عرفت مما مر أن معنى كونه تعالى شيئاً كونه معلوماً على انفراده، وهذا عند من يطلق الشيء على المعدوم والموجود، وأما من حلو يخصه بالموجود فمعناه عنده أنه موجود، كما مر عن القاسم.
  وقال الهادي #: نريد بقولنا: شيء إثبات الموجود، ونفي العدم المفقود؛ لأن الإثبات أن تقول: شيء، والعدم أن لا تثبت شيئاً؛ لأن من أثبت شيئاً فقد أثبت صانعاً مدبراً، ومن لم يثبت شيئاً كان في أمره