مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة [في مقدور بين قادرين]

صفحة 1908 - الجزء 3

  قال النجري: بل هو قول أكثر المجبرة، وهو ظاهر حكاية الرازي هنا.

  قال في الأساس: ومقدور بين قادرين متفقين ممكن. وقال الإمام المهدي: أما الأشعرية فالظاهر من قول الرازي وغيره مثل قولنا، حيث منعوا مخلوقاً لخالقين، واستدلوا بمثل دليل منع مقدور بين قادرين.

  احتج الأولون بحجج:

  الحجة الأولى: أنه لو صح مقدور بين قادرين لصح أن يريده أحدهما ويكرهه الآخر؛ لأنا نعلم ضرورة أنه يصح من القادرين منا أن يريد أحدهما ما يكرهه الآخر، فلو كان لهما مقدور واحد فكره أحدهما وجوده لزم عدمه، وإلا لم يكن قادراً عليه؛ إذ القادر من وقف وجود الفعل وعدمه على اختياره، وإذا أراده الآخر عند كراهة صاحبه لزم وجوده، وإلا لم يكن قادراً عليه، وإذا لزم وجوده وعدمه كان موجوداً معدوماً في حالة واحدة، وهو محال، فما أدى إلى تجويزه - وهو مقدور بين قادرين - يجب أن يكون محالاً. وهذا الدليل يحتاج في تقريره إلى بيان خمسة أصول:

  الأول: أن من حق القادر على الشيء وجوب وجود مقدوره عند محاولة إيجاده وزوال المانع، وهذا معلوم ضرورة؛ إذ القادر إذا حاول الإيجاد ولا مانع حصل مقدوره ضرورة، وإذا لم يحصل علمنا ضرورة أنه غير قادر عليه، وكذلك إذا كرهه وانصرف عنه استحال وجوده ضرورة؛ لأنا كما نعلم ضرورة أنا إذا أردنا وجوده وجد، فإنا نعلم ضرورة أنه لا يوجد حيث كرهناه وانصرفنا، لا فرق بينهما.