تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}
  الأصل الثاني: أن من حق كل قادرين صحة اختلاف مراديهما.
  الثالث: أن ذلك يستلزم إذا كان لهما مقدور واحد أن يجب وجوده عند محاولة أحدهما، وانتفاؤه عند كراهة الآخر، فإذا اتفق منهما وقوع الكراهة والإرادة في حالة واحدة لزم أن يكون في تلك الحال موجوداً معدوماً.
  الرابع: أن كون الشيء موجوداً معدوماً في حالة واحدة محال. وهذه الثلاثة الأصول معلومة بالضرورة، إلا أن بعضها بديهي، وبعضها تحتاج إلى مراجعة النفس بأدنى تأمل.
  الأصل الخامس: أن ذلك يقتضي إحالة مقدور بين قارين، فدليله أن تصحيحه يقدح فيما علم بالضرورة، وهي الأصول المتقدمة، وما قدح في الضروري وجب القطع بنفيه.
  فإن قيل: أتقولون: إن مخالفكم جاحد للضرورة؟
  قيل: لا نقول ذلك؛ لأن الأصل الخامس ليس بضروري، بل استدلالي، كما بينا. وما اعترض به بعضهم على هذه الحجة من أن المحال وجود الشيء وعدمه بالنظر إلى ذاته، وأما بالنظر إلى الغير فالاستحالة بأن يوجد من جهة ما أراده، ويعدم من جهة ما كرهه، كما أن ما يوجده زيد غير ما يوجده عمرو، فمدفوع بأن المسألة مفروضة في فعل واحد تعلقت به الإرادة والكراهة في وقت واحد؛ وهذا لا شك في استحالته.
  الحجة الثانية: أنه لو صح ذلك لصح أن تتفق إرادتهما على إيجاده