مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة [دلالة الآية على قدرة الله]

صفحة 1916 - الجزء 3

  لأنا نقول: ليس الاستدلال به في هذا ممنوع مطلقاً، بل إن لم يكن مثيراً لدفائن العقول كما مر، وهذه الآية من ذلك القبيل؛ ألا ترى أن الله سبحانه أتبعها بما يدل على القدرة البالغة بقوله: {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}⁣[البقرة: ٢١]، ولذا قيل: إن هذه الآية - أعني قوله: {الَّذِي خَلَقَكُمْ ...} إلخ - من أدلة وجوب النظر.

  واعلم أن هذه المسألة تحتاج إلى تحقيق، وتوضيح الدليل عليها، ورد الشبه الواردة من أهل الإلحاد ونحوهم؛ ولأجل هذا جعلنا الكلام عليها في أربعة مواضع:

  الأول: في حقيقة القادر، والمقدور.

  الثاني: في بيان الخلاف في المسألة.

  الثالث: في ذكر الدليل على أن الله تعالى قادر، ورد شبه المخالفين، وبيان بطلانها.

  الرابع: فيما يلزم المكلف معرفته في المسألة.

[حقيقة القادر والمقدور]

  الموضع الأول في حقيقة القادر: فقيل: هو من يصح منه الفعل، مع سلامة الحال. وهذا الحد ذكره ابن الملاحمي، وهو بناء على ما يذهب إليه هو وأبو الحسين، وأتباعهما، من أن صدور الفعل من الفاعل على سبيل الصحة والاختيار يعلم منه ضرورة أنه يقتضي قادريته عليه. وقال المتقدمون من المتكلمين: هو المختص بصفة لكونه عليها