مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة [دلالة الآية على قدرة الله]

صفحة 1917 - الجزء 3

  يصح منه الفعل، مع سلامة الأحوال. فقوله: المختص بصفة جنس الحد، وقوله: لكونه عليها، أي لأجل اختصاصه بها، وقوله: يصح منه الفعل فصل يخرج ما تناوله الجنس؛ والمراد بالصحة ما كان على وجه الاختيار، لا الصحة التي تقابل الاستحالة، فإنها لا تدل على القادرية، كالمسببات؛ وقوله: مع سلامة الأحوال، يعني ما لم يكن ثم مانع⁣(⁣١)، ولا ما يجري مجراه. وقد ورد على هذا الحد أسئلة:

  أحدها: أن من حق الحد أن يكون أجلى من المحدود، وأن من علمه علم المحدود، والمعلوم أن نفاة الأحوال يعلمون القادر قادراً وإن لم يعلموا اختصاصه بصفة.

  وأجيب بأن الحقيقة توضع على اصطلاح واضعها واعتقاده، من دون اعتبار للمخالف؛ ثم إنا لا نسلم أن نفاة الأحوال يعلمون القادر تفصيلاً، وإنما يعلمونه إجمالاً.

  الثاني: أنكم ذكرتم صحة الفعل، والفعل لا يكون فعلاً إلا بعد حصوله، والصحة له متقدمة عليه، فكيف يقال: يصح منه الفعل، وبعد حصوله لا صحة؛ إذ قد خرج عن كونه مقدوراً.

  وأجيب بأن تسميته قبل وجوده فعلاً من باب تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه يجوز؛ وفيه نظر، والأولى أن يقال: المراد بالفعل الإيجاد، لا الموجَد، وهو حقيقة فيه.


(١) والمراد بالمانع ما يمنع بالضد، والجاري مجراه كانتفاء ما يحتاج إليه، نحو: انتفاء البنية المخصوصة في حق القادر بقدرة. تمت مؤلف.