مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1918 - الجزء 3

  الثالث: أن فيه إحالة؛ لأنهم ذكروا الفعل في حد القادر، والقادر في حد الفعل، وهذا يؤدي إلى التوقف في فهم معنييهما.

  وأجيب بأن الفعل قد يراد به الإيجاد وهو الحقيقة، وقد يراد به الموجود وهو مجاز، فالأول معلوم ضرورة لا يحتاج إلى تحديد؛ لأن الوجود على الجملة معلوم ضرورة، وهذا هو المقصود في حد القادر، فكأنه قال: هو المختص بصفة لكونه عليها يصح منه الإيجاد، وهذا لا خلل فيه؛ وأما الفعل الذي ذكر القادر في حده فالمراد به الموجود، لا الوجود؛ لأنه لا يتصف بالوجود إلا الموجود. دون الوجود؛ إلا أنه كان ينبغي أن ينصبوا قرينة في حد الفعل تصرف لفظ الفعل إلى معناه المجازي.

  فإن قيل: ومن أين لكم أن الفعل قد يطلق ويراد به الإيجاد؟

  قيل: الذي دلنا على ذلك أنه لو قال: فعلت هذا وما أوجدته لعد مناقضاً، وكذلك لو قال: أوجدته وما فعلته.

  الرابع: أنه لم يبين في الحد أن المراد بسلامة الأحوال أن لا يكون هناك مانع ولا ما يجري مجراه، ومن حقه البيان؛ لأن الغرض بالحد إبانة المحدود.

  وأجيب بأن الحدود مبنية على الاختصار، سيما في مختصرات الكتب، وتبيين معانيها وما تخرجه فصولها موكول إلى الشيخ الحافظ، والكتب البسيطة؛ وليس الاختصار في الحدود إلا كالاختصار في الكتب التي يتوقف فهم جملة معانيها على الشروح والمشائخ، والمقصود من الحد التقريب.