مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1919 - الجزء 3

  قال في الغياصة: ومثال المنع أن يريد أحدهما حمل شيء فيعتمد عليه من هو أكبر منه قدراً، فالمنع هو الضد لفعلك، والضد: هو ما فعله الأقوى من السكون. والذي يجري مجرى المانع القيد والحبس، فإنهما يمنعان من كثير من الأفعال، وهما جاريان مجرى الضد؛ لكونه يتعذر الفعل معهما، كما يتعذر عند حصول الضد.

  السؤال الخامس: أنكم قد فسرتم سلامة الحال بأن لا يكون مانع، والمنع إنما يكون منعاً في حال حدوث الفعل، فإذا كان المنع إنما منع الحدوث. فكيف تحترزون عنه، وأنتم لم تذكروا الحدوث في الحد، وإنما ذكرتم الصحة؟

  وأجيب بأن المنع حالة الحدوث يكشف أن ذلك المقدور الذي منع مانع من حدوثه لم يكن يصح من القادر قبل إحالة الحدوث؛ وهذا الجواب مستقيم إن صح أن المنع من الحدوث يكشف عن عدم الصحة، لكن في كلام بعضهم أن ذلك لا يكشف.

  السادس: أن المنع لا يكون إلا بكثرة الأضداد، وكونها أكثر من مقدورات الممنوع، ولاشك أن مقدورات الله تعالى غير متناهية في الوجود، بل لا شيء منها يفعله إلا وفي مقدوره الزيادة عليه، فلا يتصور في حقه المنع، فلا يكون الحد جامعاً؛ لخروج الباري تعالى عنه.

  وأجيب بأن المنع يتصور في حقه تعالى، وذلك بأن يُريد قدراً معلوماً من الأفعال، فإن الواحد منا يمكنه المنع، بأن يفعل أكثر مما أراد الله تعالى إيجاده من أضداد تلك الأفعال.