مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1940 - الجزء 3

  في الشاهد إلى الصحة، فيكون كقول أبي القاسم، وما أجاب به السيد مانكديم من أنه إذا أريد اعتدال الطبائع ... إلخ.

  ففيه نظر؛ لأن العلة ليست هذه الأمور المتضادة، بل اعتدالها، وهو أمر مغاير لها. فتأمل.

  الموضع الرابع: فيما يجب معرفته من هذه المسألة. فالذي يلزم المكلف معرفته فيها هو أن يعلم أن الله تعالى قادر فيما لم يزل، وفيما لا يزال، ولا يجوز خروجه عن هذه الصفة في حال من الأحوال، ويعلم أنه قادر على جميع أجناس المقدورات، ومن كل جنس على ما يتناهى، فلا تنحصر مقدوراته جل وعلا جنساً، ولا عدداً.

  فهذه خمسة أصول، ولا بد من الدليل على كل واحد منها:

  الأول: أنه قادر فيما لم يزل، ودليله أنه لو لم يكن كذلك ثم حصل قادراً بعد أن لم يكن للزم أن يكون قادراً بقدرة محدثة، متجددة، وبطلانه معلوم.

  الثاني: أنه قادر فيما لا يزال.

  الثالث: أنه لا يجوز خروجه عن هذه الصفة في حال؛ ودليل هذين الأصلين أنه يستحق هذه الصفة لذاته، أو لما هو عليه في - ذاته على الخلاف - أو لأنها نفس الذوات على قول الأئمة؛ والموصوف بصفة ذاتية لا يجوز خروجه عنها في حال من الأحوال، وإلا لم تكن ذاتية.