مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 1945 - الجزء 3

  المحتاجين، فكأنه تعالى لما كان منه استمرار سد حاجة المحتاجين وصف بأنه جبار. وقيل: إنه مأخوذ من الجبر، وهو الإصلاح، فيكون صفة فعل. وإنما كان ذماً في أحدنا لأنه يدعي ما ليس له، ويتشبه بمن يستحق هذا الوصف. والصمد؛ ومعناه أنه يقصد في قضاء الحوائج. والعزيز، والكبير، والعلي، والعالي، والمتعال، والقاهر، والظاهر؛ وهذه الأسماء وما في معناها قد تضمنها كتاب الله، وسيأتي الكلام على كل واحد منها في موضعه إن شاء الله. والإله، وقد مر. والمستولي، فيقال: هو مستول على الأشياء أي قادر عليها، ولا يوصف بما في معناه، وهو المستوي؛ لإيهامه الاستقرار، أو استواء الأجزاء، أو استقامتها.

  قال الموفق بالله: ولا يوصف في الحقيقة بأنه رفيع وشريف؛ لأنه يفيد رفعة المكان وشرف الشأن، وذلك محال في حقه تعالى؛ لأنه من صفات الأجسام، ولا يوصف بأنه شديد، ولا متين، ولا صلب؛ لأن كل ذلك عبارة عن تأليف واقع على وجه مخصوص، وقوله تعالى: {ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ٥٨}⁣[الذاريات] مجاز، يقر حيث ورد؛ ولذلك لا يطرد، فلا يقال: إرادته متينة.

  قيل: ويوصف بأنه مستطيع حقيقة؛ ومعناه قادر، بدليل {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ}⁣[المائدة: ١١٢] ولا يوصف بأنه مطيق؛ لأنه يفيد الكد، والمشقة، والجهد؛ ولذا يقال: لا يطيق النظر إلى زيد، وإن كان قادراً عليه،