تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  قيل: والخلاف في المسألة قليل الفائدة.
  قال إمام الحرمين في البرهان: لا شك أن خطاب رسول الله صلى الله علي وسلم وإن كان مختصاً به وبآحاد الأمة فإن الكافة يلزمون من مقتضاه ما يلزمه المخاطب، وكذلك القول فيما خص به أهل عصره، وكون الناس شرعاً(١) في الشرع، واستبانة ذلك في عصر الصحابة ومن بعدهم لاشك فيه، وكون مقتضى اللفظ مختصاً بالمخاطب من جهة اللسان لاشك فيه؛ فلا معنى لعد هذه المسألة من المختلفات، والشقان(٢) جميعاً متفق عليهما.
  البحث الثاني: اختلفوا في شمول نحو هذا الخطاب للعبيد، فقال الجمهور: هم داخلون في خطاب الكتاب والسنة، سواء تعلق الخطاب بحقوق الله أم بحقوق الخلق. وقيل: لا يعمهم مطلقاً. وقال أبو بكر الرازي: يعمهم في حقوق الله، دون حقوق الآدميين. لنا: أن الخطاب للمكلفين، والعبيد بصفة المكلفين في التمكين والإعلام وإزاحة العلة، ولذلك كلفوا بالعقليات، كالشكر، وترك الظلم، وببعض السمعيات كطاعة السيد، وهذا معلوم ضرورة، ولا خلاف فيه، فيجب أن يكلفوا بسائر ما ورد به السمع، إلا ما خصه دليل، كالتكاليف التي تقف على ملك الأموال، كالزكاة، والحج، ونحوهما، فإنه لا شبهة في عدم التكليف بها.
  احتج من منع تكليفهم على الإطلاق بأنهم مأمورون بامتثال
(١) أي مستوين. تمت مؤلف.
(٢) وهما كون الناس مستوين في الشرع، وكون خطاب المشافهة يختص المخاطب لغة. تمت مؤلف.