المسألة الثالثة [في الرد على من أنكر التكاليف]
المسألة الثالثة [في الرد على من أنكر التكاليف]
  في الآية رد على من أنكر التكاليف؛ إذ كلف فيها بالعبادة، وقد تمسكوا بشبه واهية.
  منها: أنه لو ورد الأمر بالتكليف للزم تكليف مالا يطاق؛ لأن التكليف إن توجه على العبد حال استواء دواعيه إلى الفعل والترك كان محالاً؛ لكون حالة الاستواء مانعة من حصول الترجيح؛ لما بين الاستواء والترجيح من المنافاة، وإن توجه إليه حال رجحان أحدهما على الآخر كان محالاً أيضاً؛ لأن الراجح واجب الوقوع، والمرجوح ممتنع الوقوع؛ وإذا ثبت هذا كان وقوع التكليف تكليفاً بما لا يطاق، أما مع استواء الداعيين فلامتناع حصول الترجيح، وأما مع رجحان أحدهما فلأن التكليف إن كان بالراجح كان تكليفاً بما يجب وقوعه، وإن كان بالمرجوح كان تكليفاً بما يمتنع وقوعه، وكلاهما تكليف بما لا يطاق. ومنها: أن المكلف به إن كان قد علم الله وقوعه فلا يجوز تخلفه، أو علم عدم وقوعه فلا يجوز وقوعه، وإن لم يعلم هذا ولا ذاك لزم أن يكون الباري تعالى جاهلاً، تعالى الله عن ذلك. ومنها: أن التكليف لا يكون إلا لفائدة، والفائدة لا يجوز أن تكون الله تعالى؛ لأنه الغني الذي لا يحتاج، ولا للعبد؛ لأن الفائدة محصورة في اللذة ودفع الألم، والله قادر على تحصيلها للعبد من دون توسط هذه المشاق، فيكون توسطها عبثاً، والله منزه عنه. ومنها: أن العبد غير موجد لأفعاله، فإن أمره بالفعل حال ما خلقه فيه كان أمراً بتحصيل الحاصل، وإن أمره قبل أن يخلقه فيه كان أمراً بالمحال. ومنها: أن المقصود