مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 1971 - الجزء 3

  بما تستدعيه، ويسقط الواجب عنا في ذلك. ومنها: أن جعل التكليف نعمة مستقلة أولى من جعله في مقابلة النعمة ومسقطاً لها. ويجاب بأن جعله في مقابل النعمة لا يخرج عن كونه نعمة؛ لما فيه من التعريض على الخير الذى لا يتفضل الله علينا إلا بسببه؛ وأما جعله مسقطاً للنعمة فكلام ساقط؛ لما مر⁣(⁣١)؛ على أن الظاهر من كلام القائلين بأن العبادات ليست شكراً أنهم يقولون: إنها جارية مجرى الشكر، وأنه لا يستحقها إلا مولي أعظم النعم؛ وعلى هذا فهي في التحقيق لا تكون إلا في مقابلة نعمة؛ لأنها لا تكون شكرا عندهم، وقد تقدم في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}⁣[الفاتحة: ٥] أنه لا يستحقها إلا مولي أعظم النعم، وممن نص على أنها جارية مجرى الشكر السيد مانكديم، فإنه ذكر أن الشكر قد يكون باللسان، وقد يكون بالقلب، ثم قال: وقد يكون بضرب من الأفعال المخصوصة، نحو هذه العبادات التي يتقرب بها إلى الله، من صلاة، وصيام، وحج، وجهاد، فإنها جارية مجرى الشكر لله تعالى على نعمه وأياديه؛ لأن هذا الضرب من الشكر لا يستحقه إلا الله تعالى؛ لأنه إنما يؤدى على نهاية ما يمكن من التذلل والخضوع، وذلك لا يستحق إلا على أصول النعم، والقادر على أصول النعم ليس إلا الله تعالى.

  قلت: والسيد | ممن يقول بعدم جواز التكليف لأجل النعم السابقة، كما مر.


(١) يعني في كلام الإمام عز الدين ولا أدري من أي وجه أخذوا كون شكر المنعم يخرج نعمته عن كونها نعمة ويسقطها. تمت مؤلف.