تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  إليه ورهبة دماً، ثم عمرتم في الدنيا ما الدنيا باقية ما جزت أعمالكم ولو لم تبقوا شيئاً من جهدكم أنعمه عليكم العظام وهداه إياكم إلى الإيمان).
  قال في الجواب المختار: وقال #: (رافق بهم رسله، وأزارهم ملائكته، وأكرم أسماعهم أن تسمع حسيس نار أبدا، وصان أجسادهم أن تلقى لغوباً ونصباً {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٢١}[الحديد] (. وأما ما احتج به الأولون من الدليل العقلي -
  فجوابه: أنا لا نسلم أن إلزام الشاق يوجب الثواب؛ لأن للمالك المنعم أن يلزم عبده الشاق الممكن، وإلا لما وجب على العبد الامتثال، ووجوب امتثال أمر المالك المنعم مما لا ينبغي النزاع فيه؛ إذِ الامتثال شكر، والشكر واجب عقلًا وسمعاً. وأما الآيات المتضمنة لذكر الجزاء، والأجر، وما في معناها. مما رتب فيه الثواب على العمل - فقد أجاب عنها الإمام القاسم بن محمد في الجواب المختار، وقال: معناها كمعنى الزيادة التي ذكرها الله تعالى في قوله: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[ابراهيم: ٧] لأن الزيادة جعلها تعالى في مقابلة الشكر تفضلاً، وكذلك الثواب جعله في مقابلة الأعمال تفضلًا. قال #: بل مذهب آبائنا $ أن الثواب من جملة الزيادة التي ذكرها الله تعالى في قوله: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[ابراهيم: ٧] كما صرحوا بذلك في كتبهم، وقد ذكر ذلك أمير المؤمنين #(١) وذكره الهادي # في الأحكام، وفي كتاب الديانات، والحسين بن القاسم # في تفسيره.
(١) يعني به ما تقدم في الوجه الخامس تمت مؤلف.