مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2024 - الجزء 4

  قلت: ولقائل أن يقول: كون الطاعات شكراً لا يمنع من استحقاق العبد للثواب على الله تعالى، بحيث أنه يقبح الإخلال به؛ لأنه تعالى لما ألزمهم أن يشكروه بما فيه عليهم مشقة كان لهم عليه من الحق الجزاء الجزيل على تلك المشقة، وإلا لكان في تكليفهم إياها جور وظلم؛ لأنه كان يمكنه أن يستوفي ما يجب له عليهم من الشكر من دونها، كما مر، وهذا هو الظاهر من كلام أمير المؤمنين #، ومشاهير أئمة العترة، وقد مر من كلامه # ما يدل على ذلك في العاشرة من مسائل الحمد لله، وفيه تصريح بوجوبه عليه تعالى، وذكر الهادي # ذلك في البالغ المدرك، وقد مرَّ بعض كلامه في الرابعة من مسائل قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ٤}⁣[الفاتحة]، وقال الإمام أحمد بن سليمان #: الجزاء إتمام العدل ونظامه وقال: لولا ذلك لكان خلق الدنيا، وما فيها عبثاً تعالى الله عن ذلك، ذكره في الحقائق وصرح فيها بأنا نعلم علماً عقلياً ضرورياً أن العدل الحكيم سيحدث داراً للجزاء يثيب فيها المطيعين، ويعاقب فيها العاصين.

  وقال #: (اعلم أن جزاء العمل موجب والزيادة على الجزاء فضلٌ من الله تعالى ورحمة) فصرح بوجوب الجزاء، مع أنه يقول بأن الطاعات شكر، واستدل على أن الجزاء واجب بحديث ابن عمر مرفوعاً: (الأعمال عند الله سبعة، عملان موجبان ....) الخبر. ذكره في الحقائق، وهو في أمالي أبي طالب مسنداً،