الفصل الأول [في ذكر الفعل والفاعل وتعلقاتهما]
  واعلم أن هذا الحد الذي ذكرناه للفاعل، وكذلك حد الفعل إنما هو على مذهب العدلية، فأما من ينفي قدرة العبد كالمجبرة، ومن يقول إن الفعل يقع بطبع المحل كقدماء الفلاسفة فلا يستغنون بهذا الحد إلا أن عدم استغناء المجبرة به ليس إلا في أفعالنا(١) دون أفعال الباري تعالى؛ لأنهم لا ينفون القدرة في حقه، وأما القائلون بالطبع فالقدرة منتفية عندهم، وقد أجيب عليهم بأن الطبع غير معقول، فإن أرادوا به الفاعل المختار، فخطأ في العبارة فقط لأن العرب لا تسمي الفاعل المختار طبعاً، وإن أرادوا به أمراً موجباً فبطلانه معلوم، وأما قسمة الفعل فهو ينقسم أولاً إلى ما له صفة زائدة على حدوثه وصفة جنسه، وإلى ما ليس له صفة زائدة على حدوثه وصفة جنسه أي ليس له صفة زائدة على كونه فعلاً كانخفاض الرمل عند السير، والحركة اليسيرة، والكلام اليسير، ونحو ما يقع من الساهي ولا مدح فيه، وأما ما له صفة زائدة فهو فعل العالم بفعله المميز بينه وبين غيره إذا لم يكن ملجأ، وهو ينقسم إلى ما له فعله وإلى ما ليس له فعله.
  الأول: الحسن، وهو ما لفاعله أن يفعله ولا يستحق عليه ذماً بوجه.
  والثاني: القبيح، وهو ما ليس لفاعله أن يفعله، وإذا فعله استحق الذم على بعض الوجوه إلا في حالة عارضة، وقلنا على بعض الوجوه، لتدخل الصغائر والقبائح الواقعة من الساهي والنائم عند غير أبي هاشم، فإنه يشترط في القبح القصد، ولتدخل القبائح الواقعة
(١) لأنهم وإن أضافوا الفعل إلى العبد فعندهم أنه غير قادر عليه وإنما أضيف إليه لتعلقه به وقيامه به ولذا قالوا في قولنا: زيد أَكِلٌ أنه ذو أكل لا أنه فعل الأكل. تمت مؤلف.