مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السابعة [وجوب النظر]

صفحة 2042 - الجزء 4

  والعلم بذلك⁣(⁣١) لطف في التكاليف الشرعية، كما في العقلية العملية، ومعرفة الله لم نجعلها لطفاً إلا لكونها وصلة إلى اللطف الحقيقي، فيصح جعلها لطفاً في العقلية العملية، وفي الشرعيات بهذا الاعتبار. والله أعلم.

  الموضع الثاني: في أن معرفة الله ليست ضرورية، فالذي عليه الجمهور أن الله تعالى لا يعرف ضرورة في دار التكليف، وخالف في ذلك أهل المعارف، وهم أبو علي الإسواري، والجاحظ، وغيرهما، فهؤلاء قالوا: المعارف ضرورية كما مرت الحكاية عنهم، ثم اختلفوا، فمنهم من قال: إن المعرفة تحصل إلهاما فلا يجب النظر أيضاً وهو قول الإسواري ومن تابعه، ومرادهم بالإلهام أنها واقعة لا لأمر ولا عند أمر، وإنما هي كالبديهيات، ومنهم من قال: بوجوب النظر؛ لأنه شرط اعتيادي يفعل الله تعالى المعرفة عنده، وهذا مذهب الجاحظ، واختاره صاحب الجوهرة، وروي عن المؤيد بالله، والإمام يحيى بن حمزة أن المعرفة قد تحصل ضرورة في الدنيا لبعض المكلفين كالأنبياء، والأولياء، وحكي مثله عن الفقيه حميد بن أحمد المحلي، ورواه في البدر الساري عن الإمام عز الدين، وفي حواشيه عن الهادي بن إبراهيم، والإمام محمد بن القاسم، والقاسم العياني، ورجحه الشرفي، ورواه عن الإمامين، وقيل: العلم الجملي حاصل ضرورة فإنا نعلم ضرورة أن المطر لا بد له من منزل، وأن السحاب لا بُدَّ له من منشئ، وأن النبات لا بد له من منبت.


(١) أي بالثواب والعقاب أو باستحقاقهما. تمت مؤلف.