مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2065 - الجزء 4

  وإن كان الثاني فإما أن تكون تلك العقائد لازمة للعلوم الضرورية ومترتبة عليها⁣(⁣١) فهي نظرية: إذ لا معنى للعلم النظري إلا ذلك أو لا فهي عقائد تقليدية لا عبرة بها. وبقي في المسألة نزل زي قول آخر حكاه في إيثار الحق ولم يعين قائله وهو أن العلم بالله ليس نظرياً، ولا ضرورياً بديهياً، بل يحتاج إلى تذكر يوقظ من سنة الغفلة، كتذكر الموت الذي تقع الغفلة عنه وهو ضروري حتى قال الله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ٣٠}⁣[الزمر] ونحوها.

  قلت: ونظيره ما مر عن الإمام المهدي في أفعال العباد من أن العلم بكونهم الفاعلين لها ضروري يحتاج إلى أدنى تأمل، ويدل عليه قوله تعالى: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ}⁣[ابراهيم: ١٠] ونحوها مما أنكر الله فيه على من جحده سبحانه وتعالى فإنه قرنه بما يذكره، ويدفع الشبهة عنه من ذكر خلق السماوات والأرض وغيرهما، ومن كلام علي #: (الذي تشهد له أعلام الوجود على إقرار قلب ذي الجحود). رواه في النهج، ومثله قوله #: (وهل يوجد بناء من غير بانٍ) وهو في النهج، وذلك كله يدل على أنه لا بُدَّ من أدنى تأمل، ولذا قال بعضهم: عجبت لمن شك في الله وهو يرى أثر صنعه أو كما قال، ولوكان يعرف بالبديهة لما كان لاقتران الإنكار على الشاك في الله بالدليل المنبه فائدة. فتأمل.


(١) لأن شرط الدليل أن ينتهي إلى مقدمات ضرورية عند المناطقة، وقد مر ذكره في المقدمة. تمت مؤلف.