المسألة السابعة [وجوب النظر]
  فإن قيل: لا مشقة لأنهم يعرفون يتذكر النظر والاستدلال السابق.
  قيل: لو كان كذلك لكانت معارفهم اختيارية، وحينئذٍ يجوز أن يقال أن الواحد منهم يختار من المعرفة ما يبلغ به ثواب الأنبياء، والمعلوم خلافه. وإن كانوا من أهل النار، فكذلك لا بُدَّ من المعرفة وإلا جوزوا انقطاع عقابهم. وفي ذلك راحة لهم وهي منفية عنهم وإذا كان لا بد من المعرفة لم يجز أن تكون نظرية، لأنها والحال هذه تكون موقوفة على اختيارهم، فيجوز منهم ترك النظر فلا تحصل المعرفة، وإذا انتفت جوزوا انقطاع العقاب، وفيه راحتهم، وذلك لا يجوز، وأيضا من حق الناظر أن يكون مجوزاً فيلزم أن يكونوا قبل النظر وحاله قبل حصول العلم مجوزين لانقطاع العقاب، وذلك يقتضي أن لا يخلص عقابهم من كل روح وراحة، وذلك لا يجوز لا يقال يعرفونه بتذكر النظر السابق؛ لأنا نقول لا نظر لهم سابق فيتذكرونه، وإلا لما وقعوا فيما وقعوا فيه.
  قلت: وهذا ضعيف فإن منهم من له نظر صحيح ومعرفة تامة وإنما استوجب دخول النار لاتباع الهوى، وتأثير الحياة الدنيا، والأولى أن يقال لو كلفوا بالنظر لوجب أن يكون لهم انتفاع بالتكليف، ولا نفع لهم إلا قبول توبتهم إذا تابوا، وذلك يؤدي إلى خروجهم من النار وهو باطل، أو تخفيف العذاب عنهم، وهو باطل أيضاً لقوله تعالى: {وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا}[فاطر: ٣٦]. وأما شبهته فجوابها: أنه جمع بين الاستدلالي والضروري من دون علة جامعة، وأيضاً لا نسلم أنما يعلم ضرورة لا يعلم إلا كذلك، فإن فيه ما يجوز أن يعلم استدلالاً