مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السابعة [وجوب النظر]

صفحة 2069 - الجزء 4

  فحقيقة الضروري عرفا: ما يحصل فينا لا من قبلنا، واشترط الجمهور في تسميته ضروريا أن يكون جنسه داخلًا تحت مقدورنا، ولذا يقال حركة ضرورية لما كان جنسها داخلا تحت مقدورنا، ولا يقال لون ضروري. وقال أبو علي: لا يشترط ذلك فيقال لون ضروري.

  قيل: وكلام الجمهور أقرب وأصح؛ لأن للعرف شبهاً بالوضع اللغوي، والضرورة في اللغة: الإلجاء، والإكراه، وهما لا يستعملان إلا فيما يدخل جنسه تحت مقدورنا.

  وأما في اصطلاح المتكلمين: فالضروري عندهم قسم من أقسام العلم، وقد اختلفوا في حده، فقال قاضي القضاة: هو العلم الذي يحصل فينا لا من قبلنا، ولا يمكننا نفيه عن النفس بوجه من الوجوه قيل: وفيه تكرار؛ لأن الحاصل لا من قبلنا هو الذي لا يمكننا نفيه والذي لا يمكننا نفيه، هو الحاصل لا من قبلنا، فكان الواجب الاقتصار على أحد الطرفين⁣(⁣١)، وقد اقتصر على الطرف الأول بعضهم، وقيل: هو العلم الذي لا يمكن العالم به نفيه عن نفسه بشك ولا شبهة، وإن انفرد واحترز بقوله وإن انفرد عن العلم المكتسب إذا قارنه ضروري فإنه لا يمكن نفيه، لكن عدم إمكان نفيه إنما هو لاقترانه بالضروري بحيث لو انفرد لأمكن نفيه بشك أو شبهة، واعترِضَ بأن النفي مذكور فيه، والنفي لا يتصور إلا فيما يبقى، والعلم مما لا يبقى، وأجيب بأن المراد بالنفي هنا أن أحدنا لا يمكنه أن يخرج نفسه عن استمرار كونه عالماً، لا النفي الذي لا يتصور إلا في الباقيات، واعترض أيضاً بأن فيه


(١) أي طرفي احد تمت مؤلف.