تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  ثانيها: أن يخوفه بأمارة صحيحة نحو أن يقول: قد تقرر في عقلك حسن ذمك على المعصية ممن ينعم عليك، فلا تأمن أن تستحق من المنعم عليك أكثر من ذلك وهو العقوبة.
  قلت: ذكر هذا في الغياصة، ومعناه: أنه يلقى إليه كلام يتضمن الأمارة، كهذا الكلام فإنه متضمن الاستدلال على جواز العقاب من المنعم بالقياس على استحقاق الذم من غيره.
  ثالثها: ذكره في الغياصة أيضاً أن ينبهه على جهة اللطف بأن يقول: يا هذا إنك إذا عرفت ربك كنت أقرب إلى فعل الطاعة والمعصية. واختلفوا هل يجب أن ينبهه الخاطر على الدليل كأن يقول انظر في الأعراض والأجسام، فقال أبو علي: لا بُدَّ من ذلك، واختاره ابن متويه وهو أحد قولي القاضي، وادعى الإمام المهدي الاتفاق عليه، وفي الغياصة عن أبي هاشم أنه لا حاجة إلى ذلك.
  قال أبو علي: ويجب أن ينبهه على ترتيب الأدلة؛ لأن النظر فيها يلزمه مرتباً، وجوز أن ينبهه عليها حالاً فعالاً على حسب ترتيبها، وفي حالة واحدة لحصول المقصود بكل من الوجهين، وقال أبو عبد الله: بل يجب أن يكون في حالة واحدة لئلا يتوهم أنه لم يكلف ذلك.
  وقال القاضي: إن علم الدليل والترتيب فلا يجب أن ينبهه الخاطر عليه، وإلا وجب، وصححه الحاكم، وقال أبو هاشم: وهو أحد