تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  والسليقة العربية، فليس ذلك إقناعاً يكتفى به في المقامات الخطابية، وكون العادة تحيل مثل ذلك لا تحتاج إلى البيان؛ لأن كل من عرفها حكم أن شريكين في الإيجاد، والإمداد لا يتصور دوامهما على الموافقة؛ لأن من شأن النفس أن لا تريد بقاء شريك معها، وكل ذلك باطل لمشاهدة بقاء هذا العالم على أكمل وجوه الإتقان، قال: هكذا حرره المحققون في هذا المقام.
  الدليل الثاني: أن إثبات ثان للقديم تعالى يؤدي إلى محال آخر غير التمانع، وهو مقدور بين قادرين على ما مر تقرير(١).
  الدليل الثالث: أنه لو كان مع الله تعالى قديم غيره لكانت إرادته تعالى إما أن توجب لهما معاً صفة المريدية، أو لا توجب لواحد منهما، أو توجب لواحد منهما دون الثاني، الأول باطل؛ لأن المعنى لا يتعدى في إيجابه صفة واحدة لموصوف واحد، والثاني باطل أيضاً؛ لأنه يؤدي إلى خروج الصفة عن حكم صفتها المقتضاة، والثالث كذلك لعدم المخصص؛ فبطل أن يكون معه تعالى ثان قديم.
  قلت: وهذا الدليل مبني على أن الإرادة معنى توجب صفة المريدية، وفي ذلك نزاع بين الأصحاب.
  الدليل الرابع: أنه لوكان لله تعالى شريك لأتتنا رسله، ولرأينا آثار صنعه، ولم يقع شيء من ذلك، فانتفاؤه ليس إلا لعدم الشريك، وفيه ما نروم، أو للاضطرار إلى المصالحة بينهما لما يؤدي إليه النزاع
(١) في قول السيد؛ والحسم للشغب ... إلخ، تمت مؤلف.