تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  الثالث: أنهما لوكانا موجبين للزم حصول العالم الخير والشر دفعة واحدة، بل يلزم قدم العالم؛ لأن الموجب لا يتراخى عن الذي أوجبه.
  الرابع: أن إيجابهما لا يخلو إما أن يكون إيجاب العلل، أو إيجاب الأسباب، أو إيجاب الطبع، وكلها باطلة.
  أما الأول؟ فلأنه يلزم عليه قدم العالم، وأما الثاني: فلأن العالم متحيزات وأعراض، ولا يجوز أن تكون مسببة عن غيرها، وأما الثالث: فلأن الطبع غير معقول.
  الخامس: أنهما لو كانا موجِبين لبطل المدح والذم، والأمر والنهي؛ لأن الخير إذا كان حاصلاً عن النور على جهة الإيجاب فلا فائدة في الأمر به، ولا المدح عليه، وكذلك الشر إذا كان حاصلاً عن الظلمة فلا فائدة في النهي عنه، ولا الذم عليه؛ وأيضاً، عند بعضهم أن الظلمة غير قادرة ولا حية، فكيف يتصور منها النهي.
  السادس: أنهما عندهم يستحقان المدح والذم على ما يصدر منهما، والقول بالإيجاب ينافي ذلك الاستحقاق.
  وأما إبطال قولهم: بأن النور مجبول على الخير والظلمة على الشر - فمن وجوه:
  أحدها: أنهم بنوا ذلك على أن الخير ما تستلذه النفوس، والشر ما تنفر عنه، وليس كذلك، وإنما الخير ما يستجلب به النفع، ويستدفع به الضرر، والشر عكسه؛ ورب مشتهى يأتي بمضار كثيرة، ورب منفورٍ عنه يأتي بمنافع عظيمة.