تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
  قال: ثم إنا لو سلمنا تواتر الإجماع على إكفار من أثبت مع الله قديماً مستقلاً كان أم غير مستقلًا، فإن في كون الإجماع حجة قطعية من التشكيكات ما لا خفاء به.
  وأجيب: بأن المجبرة، وإن لم يجعلوا المعاني مغايرة لله، ولا مستقلة، ولا سموها آلهة، فالقول بالمغايرة والاستقلال والإلهية لازم لقولهم، سواء أقروا به أم لا؛ لأنه لا يعقل في المعنى إلا أنه شيء مستقل مغاير لما اتصف به، وأما أن القول بها يستلزم استحقاقها للإلهية فلما مرَّ من أن المشاركة في صفة من صفات الذات توجب المشاركة في سائر الصفات، ولا اعتبار بقولهم: إنها ليست بأغيار لله تعالى بعد ثبوت معنى الغيرية فيها؛ ألا ترى أن من أثبت الطبع والفلك قديماً مع الله تعالى كان كافراً، وإن قال: لا أصفه بأنه غير الله، لا يقال: إنما كفر لأنه أثبت ما ليس بصفة، بخلاف المجبرة، فإنما أثبتوا الصفة؛ لأنا نقول: المعلوم أن من أثبت علمين قديمين، وقدرتين، وحياتين قديمتين فإنه يكون كافراً وإن كان صفة، فثبت أن العلة في الكفر هو إثبات قديم غير الله؛ ويشهد لذلك قول الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}[المائدة: ٧٣] ومن كلام علي #: (وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه؛ لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله تعالى فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده). رواه في النهج،