مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون 21 الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من

صفحة 2213 - الجزء 4

  وعجائب ما نطقت به آثار حكمته، واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمهم ببليغ قوته، ما دلنا باضطرار قيام الحجة له علينا إلى معرفته، لم تحط به الصفات فيكون بإدراكها إياه بالحدود متناهياً، وما يزال هو الله الذي ليس كمثله شيء عن صفة المخلوقين متعالياً). رواه أبو طالب.

  وكلماته # في هذا المعنى كثيرة، وكلها دالة على أن الواجب نفيه عنه هو ما يوجب تحديداً أو تشبيهاً؛ ألا ترى ما في كلامه # من وصفه بالقدرة والقوة والعلم وغيرها من الأوصاف التي تليق به، وقد ذكر # في غضون خطبه ما يدل على أن استحقاقه لهذه الصفات ليست كاستحقاقنا لصفاتنا، وتقدم كلمات كثيرة له # في هذا الكتاب دالة على إثبات الصفات له #؛ إلا أن العقول لا تهتدي إلى معرفة كنه صفته، وأصرح من هذا كله قوله # في الملائكة: (لا يتوهمون ربهم بالتصوير، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين). رواه في النهج، وأصرح منه قوله #: (فمن وصفه فقد شبهه، ومن لم يصفه فقد نفاه، وصفته أنه سميع ولا صفة لسمعه). رواه في (البدر الساري)؛ إذ لا يصح توارد النفي والإثبات على معنى واحد، فوجب حمله على أن المراد به أنه لا يجوز وصفه بمعنى يقتضي التشبيه، ولا يجوز الإمساك عن وصفه بما يقتضي التنزيه والتعظيم، ومعلوم أن المعاني من صفات المخلوقين، فمن وصفه بها فقد شبهه، ألا ترى إلى قوله: ولا صفة لسمعه.