تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  الحدود وأقربها أن يقال: هو عبارة عما قصد به إظهار صدق من ادعى النبوة.
  الفصل الثاني: في ذكر شرائطه، وقد ذكروا له شروطاً بعضها متفق عليه، وبعضها مختلف فيه، وجملتها عشرة:
  الأول: أن يكون فعلاً؛ لأن ما ليس بفعل لا يدخل تحت الاختيار، فلا يصح كونه معجزاً، ولا يكون للتحدي به فائدة، ولأنه ليس بأن يدل على صدق المدعي بأولى من كذبه أو من صدق غيره، أو من أن لا يدل؛ لأ نه مع الجميع على سواء.
  قال القرشي: ومن هاهنا صعب على المجبرة تصحيح كون القرآن معجزاً لما قالوا بقدمه، وقلنا لهم: لو صح كونه معجزا مع قدمه في الجمعة لصح كون علم الله معجزاً وقدرته، بل كان يصح أن يكون الباري معجزا نفسه. وفي هذا نظر لما عرفت من أن المعجز قد يكون غير فعل؛ فالأولى أن يقال: ولا بُدَّ أن يكون فعلاً، أو ما يقوم مقامه من التروك: ليتناول المثال السابق، فإن عدم طلوع الشمس ليس بفعل.
  نعم، أما من جعل الترك فعلاً، وقال: هو أمر وجودي بناء على أنه الكف، فلا يرد عليه هذا، ولا يحتاج إلى قوله: أو ما يقوم مقامه، وفي كلام الآمدي أن العجز إن كان عدمياً فالمعجز هاهنا عدم خلق القدرة، فلا يكون فعلاً، وإن كان وجودياً كما ذهب إليه بعضهم - فالمعجز هو خلق العجز فيهم، ويكون فعلاً، فلا حاجة إلى قولنا: أو ما يقوم مقامه.